قصة قصيرة & رحلتي & بقلم الشاعر : هاني عبد الرحمن
رحلتي
*****
ذات يوم دخلت الي مطعم لأتناول الغداء في بلد كنت مسافر اليها بمفردي في رحلة استجمام و راحة من ضغوط العمل فدارت عيني يميناً و يساراً لأنتقي طاولة في مكان هادئ نسبياً في ساعة يزدحم فيها الناس لتناول الطعام فوقعت عيني علي طاولة تسمرت ناظر اليها قليلاً ثم اتجهت نحوها ملقي التحيه و جلست فقالت لي فتاة كانت جالسة اليها بابتسامه ساحرة تعتليها الدهشة و التعجب:انا أجلس هنا!!
فقلت لها:و انا يسعدني ذلك و لا يضايقني
فضحكت بصوت عالي وقالت: you are crazy
فقلت : لا .. لا أحب الكريز كثيراً
فتغير وجهها و وقفت و همت ترحل و تترك لذلك المتطفل الطاوله
فقلت لها : لا تذهبي
و طلبت منها الجلوس فوافقت ربما لتزيل عنها الحيره والفضول لفعلي هذا
قلت لها : انا هنا في اجازة للراحة قليل من العمل و لدي هواية كتابة الشعر و كذلك الرسم فأول ما دخلت الي هذا المطعم و وقعت علي عينك تسارعت الي ذهني تلك الأبيات من الشعر :
تجلس وحيده و الجميع يتمني قربها
هكذا القمر الكل ينظره وما أحد بالغه
الا من تجرأ وركب الفضاء الي سعيه
فجئت اليك طامع و قلت لنفسي أنا لها
أهنئ بصري فما عاد يشخص وارتاح من نظره
فلقد دنا البدر اليه جالس يراه عن قرب و يحدثه
لكن الجوارح غارت من النظر وتريد تشاركه
في ذلك الفرح و تٌبقي علي صورته و رسمه
فتنهدت و سكتت طويلاً بعدما سمعتني و علامات الحيره تزداد علي وجهها أحمراراً و كأن بستان من الورود الحمراء تفتح و اينع في ربيع يسُر كل من نظر و امعن
بعد ذلك وافقت علي ان أرسم صورة لها و كنت أنوي بيني و بين نفسي ان احتفظ بها في النهايه و لا أعطها لها كما فعل دافنشي في لوحته الموناليزا غير اني اري من سأرسمها هي الأجمل و الأكثر سحراً
تواعدنا علي اللقاء مراراً و كنت أحاول قدر المستطاع أن أطيل في رسمها حتي خشيت ان يصيبها الملل فانتهيت من رسمها أخيراً و كنت لا أعرف كيف سأقول لها اني نويت الأحتفاظ بها و خفت ان تصدمني برفض طلبي ففكرت ان اعود الي بلدي مصطحباً صورتها دون اذنها و دون وداع و لكني لم اريد ان اترك انطباع سئ لديها بمثل هذا التصرف و تكون غير مدركة للسبب الحقيقي وراء فعلي لذلك
و جاء ميعادها معي و الذي من المفترض ان تأخذ فيه صورتها و بعد جلوس طويل تبادلنا فيه الحديث جاء ما كنت أود ان لا يأتي ابداً فلقد طلبت مني ان ارفع النقاب عن لوحتها لتراها فلم أجد من الحجة أو الحيله للحيل دون ذلك فأرتيها اياها فمسكتها بيديها و أعجيتها بشدة بالغه و لأول مره أحزن لشخص يُعجب بلوحة رسمتها فكان لي أفضل ان لا تعجبها فربما ذلك قد يجعلها تتركها لي
رأيت ان ليس أمامي من خيار آخر غير ان احاول ان أطلب منها الأحتفاظ بها و أعود بها الي دياري فلما فعلت ذلك رفضت و قالت لي:ان كنت تريد ان تحتفظ بصورتي فلا بد لي من مقابل لذلك
فحزنت لما سمعته و لطلبها مقابل مادي نظير تركها لي صورتها و سكت و لم أنطق بحرف
فتابعت حديثها قائله : انا ايضاً اريد ان لا تغيب صورتك عني كما تريد انت الأحتفاظ بصورتي
فقلت لها و وجههي تعتليه السعاده : طبعاً بكل سرور
و أخرجت صوره شخصيه لي من حافظتي و مددتها اليها فأمسكت بها و نظرت اليها و قالت : و لكن لن تتحدث الي تلك الصوره بعد ان تعود الي بلدك
فقلت لها : لم أفهم!
فقالت : عندما تنوي العودة الي بلادك فلا بد ان تحجز تذكرتين ذهاب بلا عوده
لم أصدق ما سمعته و شعرت لو ان الدنيا أجتمعت ما استطاعت ان تسع فرحتي و في نفس اليوم قمت بحجز تذكرتين و عدت الي بلادي انا و زوجتي.
هاني عبدالرحمن
تعليقات
إرسال تعليق