مقطع من رواية & قنابل الثقوب السوداء & بقلم الكاتب : ابراهيم امين مؤمن

مقطع من رواية قنابل الثقوب السوداء
الانقلاب...
تأمّل مهديّ الموقف جيدًا ، ووجد أنّ الثورة في الخارج وصلتْ إلى مرحلة خطيرة تنذر بدمار الدولة كلّها ، وأنّه لابدّ مِن تغيير النظام .
ورغم وجود هذه الجموع الغفيرة في الشوارع والميادين وتلك الهتافات الهدّامة ، ورغم المحاذير الخطرة التي تأمّلها ، إلّا أنّه وجد ضرورة وجودهم في الشوارع حتى ينجح انقلابه في القاهرة ، حيث هي مركز الثقل وهرمية السلطة فيها .
قال أحدهم ..سيادة الرئيس ، هل تظنُّ أنّه سيرسل إلى رؤساء الدول الحليفة لدخول مصر وحمايته ؟
ردَّ مهديّ..أنا لم أكن رئيسًا ..نعم يرسل ، وإن لم نُحكم قبضتنا على مداخل ومخارج القاهرة بسرعة خاطفة وبتوقيت لحظيّ فسوف تضيع مصر .
ردّ أحدهم ..وماذا نفعل حيال ذلك ؟
مهديّ ..ممكن نعالج هذه النقطة بالمراوغة ، يعني ممكن التستر على هويّة الانقلاب ، ومراسلة الدول الحليفة للرئيس بأنّ النظام القديم سيكون هو شرعتنا ومنهاجنا ، حتى يتمكن الانقلاب .
قال آخر ..نجاحنا مؤكد .
ردَّ مهديّ ..ممكن ، حيث أنّ هناك نقاط في صالحنا أحدثها ذاك العار مثل ..انهيار الاقتصاد ، وإمضاء الاتّفاقيّة الرباعيّة ، وبيع الفندق المصريّ هيلتون طابا..كلّ هذه النقاط  سوف تجعل الانقلاب أمرًا يسيرًا .
وضعوا أيديهم فوق بعض وبايعوه على الثبات والتضحية من أجل مصر .
 التحضير للانقلاب..
قال لهم ..أرسلوا إلى قوّاتكم العسكريين ذوي الخبرة التقنية كملاحي الطائرات ، وقائدي الدبابات ، ومهندسي الاتصال وغيرهم لتكون على أهبة الاستعداد لانتظار العمل الذي سنكلّفهم به ..
نحتاج الآن إلى قوة مرنة الحركة سريعة الضربة .
ومِن خلفهم أو أمامهم تساعدهم أيديولوجية الشعوب الثائرة ، ومن المدنيين الأحزاب الراديكالية والحركات الأيدولوجية .
تلك هي النواة التي سنضرب بها ضربتنا .
فهل هم على أهبة الاستعداد ؟
قال أبرزهم ..لا تخشَ سيادة الوزير ..هم على أهبة الاستعداد ، لقد اخترناهم مِن خلال خلفياتهم الاجتماعيّة ورؤاهم الأيديولوجيّة وتاريخهم المهنيّ ، وهذه الأمور الثلاثة تتناسب والمشاركة في الانقلاب .
قال مهديّ..نريد أن نتحرك ضد الرئيس وتضامنا مع ثورة الشعب بالحيلة والحذر ، أريد أن يظنَّ الرئيس أنّنا معه وليس ضده حتى نستطيع أن نضرب ضربتنا ، ولذلك..عليكم بإجراء جميع الاتصالات شفاهة ولا تكتبوا شيئًا على الإطلاق ، ثمّ توفير المعلومات لأنصارنا بقدر حاجتهم فقط ، دون زيادة ،  قالوا له تمام يا سيادة الرئيس .

خطة الانقلاب ..
السياسيُّ ..
لمْ يكابد مهديّ من أجل السيطرة على وزارة الدفاع ، فكلّ كتائبه وجيوشه تحت سيطرته ، إذْ كانوا يدينون بالولاء له حتى في وجود الرئيس الحالي ، وهذا سهّل كثيرًا مِن تنفيذ عمليات الانقلاب بنجاح منقطع النظير لم يتوقعه مهديّ نفسه .
تحركت قوة مِن وزارة الدفاع يقودها أحد زملائه المخلصين مِن المجلس العسكريّ وسيّطروا تمامًا على وزارة الداخلية وخاصة أنّهم قاموا بالقبض على وزير الداخليّة وأجبروه على صدور أوامر تصبُّ في مصلحة مهديّ .
وهناك بعض الأقسام التي أدركت خطة الانقلاب فخرجوا بقوّاتهم لمناصرة الرئيس ، ولكن قد أفشل خطتهم بعضٌ مِن وحدات الجيش وأجبروهم على الاستسلام .
ثُمّ هجموا على رموز النظام سواءٍ مِن الوزراء أو أقرباء الرئيس وأصهاره ، كذلك شنّوا حملات في توقيت واحد على رجال الأعمال الكبار الذين كانوا على علاقة قويّة بالرئيس وكانوا يعملون بدور الوسطاء أحيانًا بين الرئيس والإدارة الأمريكيّة .
هجموا على قصورهم التي تمتليء بمئات الحرّاس وأمروهم برفع الأيدي والاستسلام وأعطوهم الأمان .
وعلى صعيد آخر، كانت هناك شخصيات قديمة عزلهم هذا الرئيس بسبب مناهضتهم لسياسته ، تمّ التواصل معهم فخرجوا إلى الميادين ليحرّكوا الشارع أكثر وأكثر ضد الرئيس ويثبتوهم لمصلحة البلد .
أما المؤسسات الخدمية فتركها مهديّ كالصحة والتعليم .
سمع فهمان أقوال هذه الشخصيات فبدأ ثغره ينفرج لإحساسه بزوال الكارثة التي لحقت ببلده ، نظر إليه جاك فرحًا وقال..ألم اقل لك إنّ مجلسكم العظيم لن يترك هذا الرئيس ..
فقال فهمان اُسكتْ يا جاك ، دعني أسمع ، نظر إليه جاك وقلبه يرقص فرحًا .
الإعلامىُّ ..
والمتحدث الإعلاميّ باسم المجلس العسكريّ خرج على القنوات بجانبه بعضٍ مِن أعضاء المجلس العسكريّ ليخبروهم أنّ الجيش لن يعمل إلّا في مصلحة الشعب ، وأنّ المجلس العسكريّ والجيش كلّهم فداؤكم ، ولن نقوم بعمل إلّا إذا كان في مصلحتكم.
الاتصال ..
تواصلتْ قوات الانقلاب فيما بينها بوساطة أجهزة الترانزستورالثنائية ، وذلك مِن أجل تنفيذ الخطة بدقة ، فعامل الوقت والسرعة مهمان جدًا ، فقد يفشل الانقلاب بسبب دقيقة واحدة فقط  .
أمّا تواصل النظام مع القوى الموالية له فالعمل على حرمانهم من التواصل معًا من التحديات الكبيرة .
قام مهندسو الاتصالات لقوى الانقلاب بالتشويش على اتصالات رجال الشرطة وقوى الجيش المعارضة له ، وبعض المهندسين استطاعوا تعطيلها تمامًا .
أمّا الهواتف النقّالة والثابتة فقد استطاع المهندسون إسقاط شبكتها عن طريق مهاجمة مراكز الاتصالات ، وقد سقطتْ شبكة النت أيضًا .
وتحركتْ قوى الانقلاب نحو الشركات والمؤسسات الخصوصيّة وعطّلوا أنظمة اتصالاتها حتى لا يستخدمها قوى معارضة الانقلاب في التواصل بينهم .

إغلاق العاصمة....
وعلى منافذ القاهرة تحركتْ مجموعة مِن قوات الانقلاب لغلقها خشية تدفق أيّ قوات سواء أجنبيّة أو عربيّة توالي الرئيس ونظامه ، كما تمَّ اعتقال الدبوماسيين والسفراء الذين يمتلكون الصلاحيّة والمصداقيّة لاستدعاء قوات مِن خارج القاهرة ، وللأسف أفلح بعض مِن رجال النظام مِن التواصل مع قوات أجنبيّة تتمركز على الحدود المصريّة وتوالي النظام ، توجّهتْ بعض قوات الانقلاب إليها وتقدمهم وزير الدفاع مهديّ ، أسرع إلي الموقع بطائرته وقال لهم  إنّ كلَّ الاتفاقيّات والمعاهدات المبرمة مع الرئيس المخلوع لن تُمس ، بالطبع يخادعهم .
 أمّا هناك على حدود الشمال الشرقيّ مِن سيناء تحرك الطيران الإسرائيليِّ وبعض القوات البريّة لمساندة الرئيس ، ولكنّ أنفاق سيناء خرجتْ وقتها مِن الجحور كالنّمل بأسلحتهم وسلّطوا عليهم الصواريخ فتراجعوا .
وتحركتْ قوات الانقلاب نحو المطارات وأُوقفت كلُّ الرحلات لحين الانتهاء مِن الانقلاب .
فأوقفوا بضعة سيارات على المدرج ، ووضعوا قوّة خفيفة على مواقع استراتيجية مِن المطار، وأطلقوا بضع طلقات تحذيريّة فتوقف المطار تمامًا .
وتحركتْ فرقة رباعيّة قامتْ بقطع بضعة أمتار مِن شريط السكك الحديديّة التي تربط بين القاهرة وباقي المحافظات .
وفائدة إغلاق العاصمة لا تتوقف عند منع قوات موالية للسلطة مِن دخول العاصمة ، ولكنّها تشمل أيضًا منع أيّ شخصيّة قياديّة مؤثّرة من الهروب وتنسيق جهد عسكريّ أو سياسيّ معارض للانقلاب ، فلابدّ من منع أيّ قوات موالية من الوصول لنجدة السلطة ، ولابدّ من منع قيادات السلطة من الوصول إلى القوات الموالية لها ، وتلك هي الفائدة المزدوجة لإغلاق العاصمة إغلاقًا محكمًا .

المباني الحكوميّة ..
وعند مبنى مديريّة الأمن والقصورالملكيّة ومباني الإذاعة والتلفزيون ومقار قيادات الجيش والشرطة تمركزتْ مجموعات عدة من قوات الانقلاب هناك ولو بشكل ظاهريّ بعد استخدامها طبعًا في مصلحة الانقلاب والسيطرة على قوات النظام ، وتم البثَّ وشاهده ملايين المصريين فتأكدوا أنّ الانقلاب نجح نتيجة ثورتهم المجيدة ، ففتّت في عضد كلّ مَن تسوّل له نفسه القيام بأيّ عمل يناهض الانقلاب .
  بقلمي ابراهيم امين مؤمن


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصيدة & لسه بتحلم & بقلم الشاعر : محمد بدوي

قصيدة & يااااحبة .. الفلافل & بقلم الشاعر : حسام القاضي

قصيدة & بين العقل والقلب & بقلم الشاعر : جرجس لفلوف